أعرف جيدًا أنّ البدايات الجديدة تبدو مُخيفة، وأنّ الغموض الذي يُحيط بطريقك قد يُضعِف ثقتك بنفسكِ في هذه اللحظة، قد يحبطك ويقلل رغبتك في الاستمرار.. لكن هل فكّرتِ يومًا أنّ الأبواب المغلقة ليست سوى إشاراتٍ لوجود أبوابٍ أخرى؟ أبواب ربما لم تعرفي بوجودها، أو لم تطرقيها من قبل، أبواب واسعة ممتدة، تُخفي خلفها السعة، النماء، والفرص التي لا حصر لها!
فلا تقفي طويلًا أمام بابٍ أُغلق، ولا تُضيّعي وقتكِ في الحزن عليه، لأنكِ كلما ابتعدتِ قليلًا عنه، رأيتِ بوضوح أنّ الحياة لا تقتصر على فرصة واحدة، ولا طريق واحد، ولا يمكن أن تُختزل في حدثٍ قد حدث.. حتى وإن تكرر..
أمامكِ الآن بابٌ آخر، أو ربما اثنين أو ثلاثة.. قد يبدو خفيًا، لأنه مختلف تمامًا عن الباب القديم؛ هو باب البدايات الجديدة.. بابٌ يُجدّد إيمانكِ، ويقوّي شجاعتكِ، ويحفّزكِ على المبادرة والتقدّم.. وقد يكون فاتحة الخير..
وربما كل ما تحتاجينه فعلًا هو خطوةٌ واحدة فقط، خطوة صغيرة نحو المجهول؛ لأنّ اليقين لا يأتي من وضوح الطريق، بل من ثقتكِ بالله.. فالرزق الذي ينتظرك لا يمكن أن يختصره حدثٌ واحد..
لا تظنّي أبدًا أنّ الحياة توقفت عند ذلك الحدث، ولا تصدّقي أن الفرص قد انتهت، أو أنّ ما فقدتِه لن يعود..
أنتِ لستِ أمام بابٍ واحد، بل تقفين الآن أمام مئات الأبواب..

الخسارة ليست أمرًا سهلًا على الإطلاق، وأعلم جيدًا أن كل خسارة تترك في داخلكِ أثرًا عميقًا لا يمحوه الزمن بسهولة.. لكن دعيني أخبركِ بشيء حقيقي وواقعي: قدرتكِ على تجاوز ما حدث لا تعني أن ما حدث لم يكن مؤلمًا أو أنه سيتلاشى فجأة، بل تعني أنكِ قادرة على التعايش مع هذا الألم، والمضيّ قدمًا..
حقيقة أخرى: البداية الجديدة ليست بالضرورة حدثًا عظيمًا يغيّر مسار الحياة دفعةً واحدة، بل قد تكون لحظة هادئة جدًّا، أو قدرة على التكيّف والتأقلم، كأن تستيقظي يومًا لتجدي نفسكِ بصحة جيدة، وربما تشعرين بأن في قلبكِ مساحة لا تزال فارغة، تستحق أن تمتلئ بمحاولة جديدة وفرصة أخرى.. لكنني لا أعدكِ بأيام قادمة خالية من التحديات، ولا أقول إن كل شيء سيصبح مثاليًا بين ليلة وضحاها.. بل أعدك أن الأمل موجود في تفاصيل صغيرة لم تلتفتي إليها من قبل: (وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).. لذلك لا ترهقي نفسكِ بالبحث عن الأمل، لأنه موجود حولك، فالحياة مدهشة فعلًا!
اتخذي خطوة حقيقية وجادّة تجاه المستقبل: حددي هدفًا واضحًا وبسيطًا وقابلًا للتنفيذ، واتخذي خطوة واحدة اليوم أو غدًا على الأكثر، خطوة ملموسة تعبّر عن التزامك الحقيقي تجاه نفسك ومستقبلك.. هذا الإجراء سيمنحك شعورًا بالسيطرة ويساعدك على استعادة ثقتك في التقدّم نحو الأمام.. لأن قوتكِ الحقيقية تكمن في الاستمرار..