حدث ما حدث

لا إنكار، لا اعتراض.. إنه فقط اعتراف.. لأن الرضا لا يأتي دفعة واحدة، ولا يهبط على القلب فجأة. لأن الرضا يُتعلَّم، ويُدرَّب عليه العقل والقلب كعضلةٍ تكبر كلما استخدمتها.

ابدئي معي بالقبول لما حدث، ويحدث الآن.. لا نحتاج إلى الاقتناع أنه حدث لحكمة، أو لسببٍ خفي. هو فقط حدث.. ويحدث.. وسيحدث!

قولي في نفسك: “حدث، وأنا هنا بعده.. لا زلت قادرة على التنفّس”. هذا أول الدرس، وأول النِّعَم. ثم انظري إلى الحدث نفسه، لا كعدو، بل كمعلم. لأن كل موقف أتى ليكشف لك شيئًا: عنكِ، عن الحياة، عن من حولك.. ليكون سببًا في ردّ فعلٍ جديد. خذي وقتكِ في الاستيعاب.. لا تتعجّلي التسامح، ولا التغافل، ولا الشجاعة الكاملة.. لا تتخذي القرار الآن..

فالتدرّب على الإيمان لا يعني أن تُغلقي مشاعرك.. بل أن تُهذّبيها، وتمنحيها لغةً أهدأ وأكثر وعيًا.. وإذا شعرتِ أن ما حدث “ليس منصفًا”، اسألي: “هل هو غير منصف.. أم غير مفهوم بعد؟ هل هو من الله؟”

كوني في قلب التجربة، لا تهربي منها، ولا تتجاهليها.. لكن لا تُعرّفي نفسك بها.. ما حدث لا يختزلك، ولا يختصرك، ولا يعبّر عنكِ بالكامل.. أنتِ أوسع من هذا الذي حدث، وأقوى منه.. وما يُبقيكِ بعد الألم، ليس ما حدث، بل كيف اخترتِ أن تعيشي بعده.. بإيمانك أن ما كتبه الله، كان لخيرٍ لا يُرى..

وجاءكِ لحكمة من الله

لا ترفعي حاجبيكِ استنكارًا.. ولا تغلقي قلبكِ، وكأنكِ أرفع من هذا الابتلاء.. لأن ما تعيشينه الآن، ليس أمرًا يحدث للآخرين فقط..  إنه قضاءٌ من الله، لكِ، وعليكِ..

كُتب باسمكِ منذ الأزل، وجاءكِ في الوقت الذي يراكِ الله فيه قادرة عليه،

ولم يُكلّفكِ به إلا لأنه هيّأ قلبكِ له، وجهّزكِ لاستقباله، وما بعده.. من حيث لا تدرين..

لا تظنّي أن الألم علامة على قِلّة قدرك، أو نقصان رزقٍ في حياتك.. بل هو قدركِ العالي، الذي اختاره الله ليختبركِ به..

اختاركِ لهذا الموقف، لا ليُعذّبكِ، بل ليرى: كيف ستصبرين؟ كيف ستؤمنين؟ كيف سترضين؟

كلّ ما يحدث… هو فرصة: فرصة لتُكتبي في سجلات الساعين، والراجين، والراضين، وحتى الصابرين المحسنين..

قِفي أمام قَدَركِ، ادخلي في الحدث وحقيقته، واجتهدي من داخله..

إنّ لكِ ربًّا كريمًا… لا يُضيّع الصابرين..

التعليقات: 0 | الزيارات: | التاريخ: 2025/04/16

إكتب تعليقك