.. ومآرب أخرى

السلام عليكم،

“الحرب هي قتل مجموعة من الأغراب الذي لا تشعر نحوهم بأي عداء شخصي، ولو قابلتهم في ظروف أخرى لقدمت لهم العون، ولساعدوك لو طلبت منهم ذلك“ مارك توين*.

مصدر الصورة

قرأت هذا النص من عدة أشهر وأخذت أفكر به كثيراً، إن التواصل مع الناس أمر لا يعتبر هيناً خاصة لو حكم المزاج على التصرفات الشخصية.. بعض الأشخاص تجد العلاقة بينهم دون أدنى تعارف مسبق يصل إلى الحد الحميمي.. ولن أتحدث عن هذه العلاقة لأنها الروح..!

ما أود الحديث عنه اليوم في تدوينتي هو التآلف في العلاقات أو الصراع الناتج عنها.. وأنوه أنها وجهة نظر جربتها وأيضاً لاحظتها حتى في العلاقات النتية وفي التدوين وتويتر خاصة 🙂 .. فما الذي يجعل العلاقة مع (س) من الناس أسهل من (ص)؟ كيف يمكن أن تكون متوافقاً معه وفي صراع مع الآخر؟

إن الخلافات تحدث عندما يكون التركيز في علاقاتك متوجهاً على كل الاختلافات بينكما!

لاحظ نفسك\.. أنت تتوافق مع شخص ما بصورة أفضل عندما تركز على الارض المشتركة بينكما.. قد تكون بيئة واحدة، تخصص واحد.. أو حتى تحبان ذات الوجبة وتفضلان ذات الكتب.. (نقاط التشابه) أو تقول: “شي من الله” مع أنك معجب به وبأسلوبه، وهذه إحدى نقاط التآلف..

التآلف\.. هو مهارة اتصال عفوية، يقوم بها الانسان بصورة تلقائية وطبيعية عندما تجمعهم رؤية مشتركة أو شيء ما مشترك، يولد الاهتمام ويولد التجاذب والائتلاف.. فالاختلاف مع صديق يكون أقل حدة من الاختلاف مع شخص مجهول ببساطة لأن هناك روابط مشتركة بينكما تولدت من التآلف بعكس الغريب الذي تجهله وتفترض كونه مختلف عنك.. وضدك..

– حين يقدم أحد أصدقاءك على مشروع جديد، أو موقع الكتروني جديد، أو حتى يرسم رسم و يكتب مقالة.. فإنك أول الداعمين له.. خاصة وإن أعجبك .. لأنك تعرفه وتألفه .. (ويجب أن تقف معه).. ولو كان أي شخص عادي آخر .. قد تقف معه وتدعمه ولكن رد فعلك سيكون مختلف حين يسألك أحد ما عنه..
– في حياتنا الاجتماعية.. حين نتعرف على أحد غريب.. ونجد لو رابط علاقة أسرية يصل إلى جد عم خال ابنة خالتي.. فان الوضع يتغير من علاقة عادية إلى نوع من التقارب ومحاولة التآلف وتوليد المعرفة..
– تجربة شخصية\.. راقبت في لجنة امتحان قبل 5 سنوات.. كانت في القاعة طالبة لها صلة قرابة بموظفة ما.. ولأنها كذلك أصبحت الطالبة محط اهتمام.. ليس من أجل واسطة أو دعنا نقول لنفترض النية السليمة .. ولكنها الان أصبحت عنصر مألوف ..!
– شخص تتحدث في ظهره يومياً وتمقته جدا .. بدأ منذ عدة أشهر العمل معك في ذات الدائرة.. أصبحتما تتقابلان بشكل يومي.. تحول النقد والذم إلى شيء من التودد اللا إرادي.. وأصبح كما يقال: من حمام الدار.. وتولدت ألفة بسيطة وخفيفة.. (خاصة لو كان مشهورا ومحبباً لدى العامة)..

حسناً، ما علاقة ذلك بالكتابة؟

“إننا عندما نربط الأفكار بالأشخاص نحرم أنفسنا من الفكرة الجيدة حين تأتي من الضد، كما نتورط في الفكرة السخيفة طالما جاءت من صديق. غن فصل القول عن القائل مهمة صعبة.. ولأنها صعبة ومعقدة لا يقدر عليها سوى الفلاسفة والحكماء“. مالك بن نبي*

– نحن نألف الكاتب وأسلوبه وننسى أنه بالنسبة لغيرنا من الناس شخص عادي ومجهول..
– حين تكتب مقالاً وتعرضه على من يألفك فستفيد كثيراً من ألفته ومحبته حين يدعمك ويبث الثقة في داخلك ..
– حين تكتب مقالاً وتعرضه على من يألفك فستخسر كثيراً إذا طغت الالفة والمحبة على رأيه الحقيقي ويتردد في ذكر جودة مقالك.
– حين يطرح كاتب ما مشهور مقاله أو كتابه أو حتى تويتة.. تنسى أنت كل جودة المحتوى في سبيل أنك تألفه ومن أشد معجبيه أو ربما لأنك صديقه

تسويق\..
انتبهت شركة التسويق لقضية الثقة فيمن نألفهم، وأصبحت تستخدم أسلوب الاعلان والدعاية عبر الاشخاص وأصدقائهم وحتى أفراد عائلاتهم.. فمثلاً تروج منتج كريم خاص بالبشرة وتبيعه لإحدى الصديقات.. وتطلب منها أن تروج له لصديقاتها .. الصديقات سيكونون أكثر ثقة في استخدام المنتج من لو كان من شخص مجهول يطرق عليك بابك..

تعليم\..
أن تتعلم من طالب مثلك، أو صديق لك على الشبكة مثلاً .. هو أشد تأثيراً عليك من أن تتعلم من معلمك في الفصل.. لن الروابط المشتركة بينكما تقع في ذات الأرض.. دعنا نستغل ذلك ونطلب من كل طالب شرح جزء من المنهج..

تدوين\..
حاول أن تفرق بين صاحب الشخصية والمقالة قدر الامكان، التفريق بين كاتب التويتة وصاحبها.. حاول تغطية الاسماء والقراءة بدون اسم.. قد تصل إلى وجهة نظر مختلفة لما كان من تأثير الاسم عليك..

علاقة اجتماعية\..
يسقط فلان من عينك وتمقته بمجرد أن يقدح فيه أحد ممن تألفهم، مع انك لم تعرف المقدوح فيه.. ولكنك على ثقة برأي المئتلف معه.. حاول أن تتعرف بنفسك عليه ولا تلغي عقلك..!!

تذكر أننا بشر .. وقد تختلف أو تتفق معي في مجمل أو في إحدى تفصيلات حديثي .. وتذكر أن “الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف”..

—-
* رسالة نصية من موقع أدب 88030 قناة نقوش على الجوال.