أعيدي تعريف الأمان، كما يليق بكِ
أنتِ الآن هنا، بعد أن اهتز شيءٌ في داخلك، وفقدتِ شعورًا بالأمان.. لا أحد يشعر بعمق هذا الاحتياج مثلك، لأن ما حدث ليس سهلًا، ومن الصعب تجاوزه.. لكن هذا بالضبط ما يجعله مهمًا.. فالأمان ليس بالضرورة في الحضور، ولا في المال في حسابك، ولا في السقف الذي يظللك، ولا في كلمات المواساة أو وجود شخص بجانبك.. إنه شيء أعمق، وأكثر اتساعًا.. لكن الصورة مشوَّشة بداخلك، وربما لم تعودي قادرة على تعريف هذا الشعور بدقة..
ولهذا، لا تنتظري من أحدٍ أن يحدده لكِ، وليس عليَّ تعريفه لكِ..
توقفي قليلًا، واسألي نفسك بصدق: “ما الأمان الذي أحتاجه حقًا؟ هل هو أمانٌ عاطفي، يعوّض خذلانًا بعد أن فقدتُ الثقة بمن أحببت؟ أم أمانٌ نفسي، يعيد اتزاني بعد اضطراب؟ أم أمانٌ مالي، يمنحني شعورًا بالاستقرار؟ أم هو أمان صحي للصلابة الجسدية والنفسية؟ أم هو مزيجٌ من كل هذا وأكثر، يعبّر عن حاجتي لاستعادة ثقتي بمن حولي، وخاصة الأقربين؟ أم هو لا شيء مما سبق.. وأريد أمانًا حقيقيًا يذكّرني بأني في عين الله التي لا تنام؟”
أنتِ وحدكِ تعرفين عمق جراحك، وأنتِ الوحيدة القادرة على السعي لمداواتها.. فهو شعورٌ داخلي تبنينه بوعيك، وتستعيدينه كل مرة تنهارين فيها، ثم تنهضين.. وأهم ما عليكِ إدراكه: أن تعيدي تعريف الآمان بنفسك ثم بناءه من جديد، ابحثي عن معناه كما يناسبكِ أنتِ، لا كما اعتاد الآخرون وصفه..

في داخلكِ مكان آمن
كلانا يدرك أن الأمان هو احتياجك الأول بعد كل ما مررتِ به.. لأن الصورة الآن مهتزة أمام عينيك، ورغم كل الدعم الذي حصلت عليه، ما زال شعور الأمان مفقوداً قليلاً.. وتدركين أن ما حدث قد غير تعريفك للأمان، وربما غير علاقتك بالعالم كله..
ربما الأمان هو الشعور الهادئ الذي يغمر قلبك حين لا تضطرين لتفسير نفسك وتبريرها، حين تكونين على طبيعتك دون خوف، ودون قلق من الفقد، أو الرفض، أو التخلي..! ربما هو الإحساس بأنك محمية حتى وإن كنت بمفردك.. أن تشعري بأنك تُفهمين، وتقبلين كما أنت، وأنك قادرة على اتخاذ القرار.. وأن قلبك قد جبر بقوة الجبار سبحانه، وأن لديك القدرة على مواجهة العالم، لأنك تثقين بنفسك، وبالله أولاً..
كيف يمكنني أن أجعلك تشعرين بالأمان؟
أو بالأحرى، كيف تبحثين عن هذا الأمان الحقيقي بنفسك؟
ربما من خلال جلسة تبدأ بخطوات صغيرة، صادقة، محبة لقلبك، واسأليها بصراحة: “ما الذي أشعرني بالاضطراب؟ ما الذي جعلني خائفة؟ ما الذي كنت أحتاجه ولم أجده؟ ما الذي خسرته وأثر فيّ؟” اكتبي ما فقدته.. وما تتمنين أن تشعري به.. ثم اجعلي هذه الأسئلة طريقاً إلى الدعاء، وتعلميه من جديد.. فالأمان الحقيقي عمق يحتاج سلوكًا جادًا..
أنت فقط القادرة على البحث عنه بنفسك، لنفسك..
فالأمان لا يُشترى، ولا يُطلب، بل يُبنى، ويُزرع في حياتك بلطف ووعي..