إنهاك بعد كل ما كان
كنتِ تحاولين أن تُمسكي بكل شيء في وقتٍ واحد، وكأنها فتنة (السيطرة) التي ربما جُبلنا عليها.. ربما تحاولين الموازنة بين الرغبة في البقاء، وبين الحاجة للهروب، بين الحنين لما كان، والخوف مما سيكون.. توازن بين كل تلك التفاصيل التي رتبتِها بعناية: خططك اليومية، كتبك، أوراقك، ملابسك وطعامك.. وحتى رغباتك الصغيرة.. لكن ترتيب الحياة لا يشبه ترتيب الرفوف!!
الألم لم يكن فقط في الحدث، بل في ما خسرتِ منكِ معه: ربما الجهد، والوقت، والمال، وربما الثقة.. والأهم: تلك المشاعر التي تعبت..! استنفدتِ طاقتك في التفكير، في البكاء، في الحلم.. لم تعد اللحظة نفسها.. لم تتوقعي أن يكون الحدث هكذا.. مفاجئ، سريع، وربما صامت ومخيف.. وغير متوقع!
تتألمين؟ نعم.. لكن تتنفسين.. وتحاولين إيجاد حل.. وتبحثين عن طريقٍ بين الركام.. لأن الحياة تغيّرت.. فقدتِ شخصًا؟ أو مررتِ بأزمة، خيبة، خيانة، مرض، أو كسور؟ ربما خسرتِ وظيفة أو مالًا، أو رُفضتِ بعد كل الفرص؟ وقد تشعرين أنه لم يكن هناك حدثٌ واضح.. فقط شعور ثقيل، وتكرار قاتل.. وبأنك لست كما كنت.. وتراكمت كلها عليك..!!
الحياة تمضي..
لكن في داخلكِ شيء توقّف قليلًا، وتبعثر كثيرًا..
شيءٌ ما لم يهدأ بعد… ولا بأس.. اعترفي بذلك وكفى..

وماذا بعد؟
خطط، وأهداف، وتعب لا يُرى، وأحلام دفعتِ لها من وقتك، ومالك، ودمك.. ثم ماذا؟ ثم حدث ما حدث، وأنتِ الآن مُعلّقة بين المضي أو الاستسلام، بين التحرك والوقوف، بين تحمّل الألم أو مقاومته.. وربما علاجه..
أسألكِ: هل تحتاجين إلى (نفضة جذرية)؟ ربما.. أم يكفي (تغيير بسيط تدريجي)؟ ربما أيضًا.. ماذا تريدين بعد كل هذا التعب؟
إجابتك لا تعتمد فقط على الحدث.. بل على شخصيتك، وطاقتك، وظروفك، ومقدار العزم المتبقي فيكِ..
حتى لو كنتِ تخططين لأشياء كثيرة، وكنت تملكين أحلامًا واسعة، ورغبات مُبهجة، وآمالًا ممتدة على سنوات قادمة.. ماذا الآن؟
توقفي عن محاولة الإمساك بالحياة كاملة، كلها في وقتٍ واحد.. ابدئي من اليوم، من القرار الصغير، الواضح، والأهم: (القرار الممكن)!
ما الممكن لديكِ؟
ربما لا شيء كبير، لكن شيئًا صغيرًا يمكنكِ حمله دون أن يُثقلك.. قرار واحد يكفي لأن يُنقذك من دائرة الحيرة، ويُبعدك قليلًا عن الألم.. خطّطي ليومك، لخطوتك التالية فقط.. ليس لأنكِ ضعفتِ، بل لأنكِ أدركتِ.. أن الحياة لا تُروّض بتصورات بعيدة، بل تُرمّم من الداخل، بالتدريج، بلطف.. وبرحمةٍ منه سبحانه!