ما هي الوحدات السكنية الصغيرة Micro-units؟
*إجابة متميزة*
بعدما تداخل العالم وانفتح من خلال سبل الوسائل الحديثة، أصبح هناك خطوط للموضة المعمارية تماشي فكرا معمارياً معيناً. الفكر المهيمن في هذة الفترة الحالية هي عمارة الاستدامة وتطويرها. الاستدامة مفهوم واسع جداً لذلك أهتم المعماريون بجانب أو آخر من هذا المفهوم. بعضهم أهتم بتقنين قوانين لها، بينما انشغل آخرون بتصميم عدة تصاميم صديقة للبيئة. أحد هذة التصاميم والذي أصبح صيحة جديدة في عالم التصميم الغربي هو تصميم الوحدات السكنية الصغيرة. أغلب المعلومات التي ستُطرح هنا هي من محاضرات للبرفسور مايكل فيلفيلد لمادة أنوع السكن Housing Prototypes في جامعة أوريقون.
الوحدات السكنية الصغيرة ليست بجديدة في عالم التصميم كون هذا التصميم معتمد في اليابان والصين منذ سنين عديدة نظراً لصغر مساحة البناء في تلك المدن واكتظاظها بالسكان. تطور مفهوم الوحدات السكنية الصغيرة في مدن كطوكيو وهونق كونق لتخدم فئة رجال الأعمال على وجة التحديد بتوفير سكن ثانوي لهم مضافاً لسكنهم الأساسي في الضواحي. ربما أكثر مثال يحتذى به اليوم هو مشروع برج ناكيجن للكبسولات Nakagin Capsule Tower والذي يُشاد إليه بأنه سابق لعصره.
بُني البرج في عام 1972 مع خططاً مستقبلية لكيفية تطوره وتغيره حسب العوامل المحيط به. كل كبسولة تحتوي على أدنى الحاجيات بأصغر مقاس ممكن. ولكن يبدو أن المعماري لم تصب تنبؤاته فهُجرت الكبسولات من قبل بعض الورثة، بعضها تحول لمكاتب أو أماكن للدعارة وقليل منها لا زال يُستخدم كسكن.
وبالرغم من أن الغرب ينظر حالياً لخبرة الشرق فيه إلا أن هذا النوع من السكن قد تواجد في الغرب في مدن كلندن ونيويورك وشيكاغو بشكل أقل جاذبية. تلك الوحدات السكنية قطنها عوائل من ذوي الدخل المحدود وغالباً السود بعد تحررهم في فترات زمنية معينة في أمريكا. لذلك فقد ارتبطت لسنين عديدة بالفقر والرجعية وقلة التعليم. إلا أن أكثر ما أرتبطت به هو انتشار الأمراض وزيادة معدلات الحالات النفسية المصاحبة للعيش في أماكن صغيرة- وهو أمر لازال يؤخذ بعين الاعتبار لسكان المساحات صغيرة. مع ذلك، فإن الطلب على تصميم تلك الوحدات لازال بازدياد في الولايات المتحدة و بعض دول أوروبا.
قبل أن استرسل في تعداد خصائصها، علي أن أن أنبه بأنه حتى الآن لا يوجد تعريف شامل للوحدات السكنية الصغيرة. وذلك لاختلاف قوانين البناء من دولة لأخرى. ما قد يُصنف على أنه مايكرو في الولايات المتحدة قد يساوي بالحجم شقة ذات غرفتين في اليابان. لذلك لنتفق على أن المايكرو في مقياسنا هنا هو أصغر حيز يمكن به بناء وحدة سكن.
نرجع إذا، لماذا تُبنى هذة الواحدات؟ ولماذا زاد الطلب عليها فجأة؟
أولا: زيادة الوعي نحو الاستدامة
من المنطقي أن زيادة الحجم لأي مبنى، تزيد من footprint أو البصمة الكربونية للمبنى. يزداد مع زيادة الحجم استهلاك الطاقة بشكل أكبر مما يؤثر سلباً على البيئة. في ألمانيا، قامت شركة معمارية بتصميم وحدات سكنية تعزز العلاقات بين السكان بطلريقة مختلفة community-housing units . من خلال المبنى الذي سمي بكرفرستنسترا Kurfürstenstraße حاول المعماري تطبيق مفهوم الوحدات الصغيرة تأثراً بوحدات قطنوها لمدة في اليابان. أغلب سكان العمارة معماريين وعلى وعي بالنفع الراجع للبيئة وراء سكنهم في وحدات صغيرة بالرغم من أنهم يستطيعون العيش في وحدات أكبر. المبنى يحتوي على مفاهيم أخرى تستحق القراءة ولكن هذا ليس مجالنا هنا. * تراسلت أنا والمعماري سام للتزود وكان سعيداً جدا لإجابة على أسئلتي*
ثانيا: تغير حاجات المستخدم و زيادة التوفير
حتما عند تقليص حجم سكنك لأقل مساحة ستنجي منه توفير مادي كبير من ناحية الإيجار و الفواتير وشرائك للحاجيات. كما أنه توفير للوقت من ناحية الترتيب والتنظيف. المستخدم التخيلي الذي كان يصمم له المعماري الأمريكي والأوروبي حتى وقت قريب هو رب لعائلة لديه زوجة وطفلين يعمل حتى الساعة الخامسة بينما زوجته تهتم بالمنزل. إلا أن هذة الصورة تغيرت كثيراً خلال العقدين الماضيين. الكثير أصبحوا يعيشون بمفردهم من طلبة أو حديثي العمل. أوقات العمل والدراسة أصبحت أكثر تقلباً وتغيراً. تأخر أيضاَ سن الزواج لمنتصف الثلاثين وبداية الأربعين. كثرت حالات الطلاق وأصبح العاهل الوحيد يعيش بمفرده مع أطفاله. لذلك الوحدة ذات غرفتي النوم وغرفة معيشة كبيرة ومطبخ كبيرة هي ليست الصورة التي يحتاجها فعلاً الفرد في تلك البلاد، وهذا يقودنا للميزة الأخيرة
ثالثاُ: الخصوصية وتغير أساليب الحياة
بما أن الوحدات السكنية المبنية قديماً كبيرة نسبياً على مستخدميها فإن الأفراد أصبحوا يتشاركون السكن roommates للتوفير. من جرب أن يسكن مع أحدهم يعرف بأن للسكن مع غريب له إيجابيته وسلبياته. إلا أن أكبر سلبية هو انعدام الخصوصية واختلاف النظام المناسب للمستخدمين. لذلك الوحدات الصغيرة توفر سكن جيد ومريح لمحبي الخصوصية أو من يحبون الحرية دون قيود لأسلوب حياة معين. رتم الحياة السريع وقضاء أغلب الحياة خارج البيت قلل من الحاجة للبيت أصلاً الشكل التقليدي. أصبح الحلم أو الهدف هو العيش في مكان أشبه بالفندق حيث يتشارك السكان في البهو وغرفة الرياضة ومطاعم بل أن بعضها تحوي خدمة تنظيف بينما غرفهم الصغيرة تكون خاصة بهم وتكون للنوم وتغيير الملابس. هذا النوع من الحياة بين المشاركة والخصوصية رُوج له في أشهر مبنى في نيويورك للوحدات السكنية الصغيرة بتصميم من شركة nArchitects
ختاماً، تفكرت واحترت..
ما رأيكم في مستقبل هذة الوحدات في السعودية والعالم العربي؟ ما مدى ملائمتها لنا؟ وما أصغر حجم يمكن أن تصل له لنمط حياتنا؟
في انتظارك رأيكم
أجابت على السؤال: م.هناء المكتوم
مصممة داخلية،
تويتر: @maktoumhana