يواجه مصممي اليوم صعوبة في التعريف عن مهاراتهم، كونها نتاج عملية تعليمية هيّأت المهارات والتقنيات المناسبة للشروع والعمل بها في بيئة العمل، لكن صقل هذه المهارة لن يتم إلا بالتجربة. ولهذا غالباً ما نجد خريج التصميم -والتخصصات المستحدثة على سوق العمل عموماً- يقف في حيرة من أمره لشق طريقه المناسب في سوق العمل. يسلك البعض المسار التقليدي المهيّأ لذات التخصص كأن يفتح مكتب / استوديو للتصميم او يمارس مهنته كعمل حر بدون موقع محدد. ولكن، هناك فرص أخرى تجعل المصمم يدرك ان حزمة المهارات (تقنية ومعرفية) تمكنه للوصول لخيارات أوسع من ذلك.
-صورة توضح سير العملية الابداعية لدى المصمم-
تقليدياً، تكمن قيمة المصمم بالمنتجات التي يخرج منها سواء (كتب، أثاث، ملصقات، واجهات لمواقع إلكترونية، حملات تسويقية، … والقائمة تطول). مايجهله الكثير، أن عملية انتاج هذه القطع يصحب خطاً إنتاجياً مختلف وهو صناعة الرسالة المقترنة بهذه المنتجات وهو أمر منطقي كون التواصل المرئي لن يصل بدون السرد واقناع المستخدم.
بعد سنين من ممارسة التصميم توسّع هدف المصمم ليتملك القدرة على صناعة التجارب مستعيناً بذلك على أمرين: الأول صناعة منظور معين يُنقل للمستخدم والثاني إشعال مشاعر معينة لذات المستخدم في مواقف محددة. ما يجعله اليوم مؤهلاً لوضع استراتيجيات ترسم مستقبل مختلف فتوسعت خدماته لتشمل التفكير التصميمي: وهو ما يتمثّل بعملية إبداعية مبنيّة على التجربة لحل المشاكل المعقدة ويعد أهم عامل لنجاحها تكرار الخطأ.
يرحّب التفكير التصميمي بتكرار الخطأ لدفع الاقتراحات والتساؤلات خارج منطقة الراحة متوجهاً لأفكار إستثنائية
نعود لمحور الحديث، كيف نميّز المسارات اللاتقليدية التي يمكننا الانخراط بها كخريجين او ممارسين في مجال التصميم؟
يتطلب الموضوع تخصيص الوقت الكافي والوعي العالي بالذات وورق لاصق! كتجربة لمعرفة الخيارات المتاحة لدي، قمت بتخصيص لون ورق لكتابة المهارات الأساسية التي تميزت بها عن زميلاتي أثناء دراسة البكالوريوس. وخصصت لوناً آخر لكتابة المهارات الثانوية التي ميزتني عن زملائي وزميلاتي أثناء دراسة الماجستير/وأثناء عملي. شرعت به كممارسة لعملية التفكير التصميمي بشكل دائم ولم أع اهميته إلا بعد فترة.. عندما واجهت بعض الصعوبات في تحديد بعض المهارات تواصلت مع بعض الزملاء لأسمع رأيهم الناتج من عدة مشاريع على العمل سوياً.
-صورة توضح مثال لمهارات أساسية وثانوية يمتلكها المصمم-
وبعد قراءات متعددة وجدت أن هناك مهارات ثانوية تجعلك مصمّماً ناجحاً أينما كنت تتمثل في (إدارة المشاريع، التعلم الذاتي، الراحة مع المجازفة، تقبل النقد، التواصل الشامل، الترتيب والفكر النظامي) بطبيعتنا كمصممين غالباً ما نرتدي قبعات متعددة لتأدية مهام مختلفة بشكل يومي وانعكس ذلك على فهم إدارة المشاريع وحساب التكاليف والتعامل مع اكثر من طرف خلال العملية الابداعية من الفكرة وحتى التنفيذ. بالإضافة لذلك، فرض المجال التصميمي على ممارسيه من الاطلاع على الثقافة العامة لمواكبة كل ماهو جديد ومبتكر في العهد المعاصر وهذا يتطلب حب ذاتي للتعلم. أما بالنسبة للراحة المصحوبة مع المجازفة فهي عادة من عادات المصمم كون العملية الابداعية غالباً ما تسير باتجاه موعد التسليم بدون تخطيط دقيق وتتخطى مفاجآت لطيفة جداً للغاية. وتتصدر مهارة تقبل النقد في الأساس ، فهي مهارة متوقعة ومرحب بها منذ دخولك لكلية في مجال التصميم/الصناعات الابداعية وتتحسّن شيئاً فشيئاً أثناء عمليتك التعليمية. ففكرة تعليق مشروعك واستقبال نقد معلّميك أو زملاؤك يدخلك لثقافة تقييم الذات، وكلما كان تقبلك للنقد أعلى كلما كانت قوتك أكبر في التعامل مستقبلاً مع العملاء. تتبع مهارة النقد مهارة شمولية التواصل وهي قدرة المصمم العالية على الفصل بين ما يحدث أثناء عملية النقد وما بعده، ويتطلب الأمر تمارين متعددة لوصولك مرحلة إخبار زميلك/عميلك أن فكرته سيئة وغير قابلة للعمل تابعاً ذلك انضمامك له على نفس الطاولة لتناول وجبة الغداء سوياً، ويشمل التواصل الشامل تمييز الرسائل التي ترسخ في أذهان الجمهور الى المفاوضة والإلهام لصناعة القرار. وأخيراً، عند تطبيق التفكير النظامي للنشاطات الانسانية تنفتح لنا قابلية اندماج جمهور مختلف، صناعة تجارب جديدة وعزل عناصر مزعجة، سواء بإدارة مجموعة من المعلومات، عمليات، أو ناس. فقدرتك من رؤية العلاقات وإيجاد الكفاآت أمر يستحق السعي نحوه.
أضف بعد ذلك ورق لاصق بلون ثالث لسماتك الشخصية التي تميزك عن أقرانك على سبيل المثال (مثابر، مواظب، يهمني إنجاز المهام، يهمني الالتزام بموعد تسليم المهمة، اجتماعي، قاريء نهم، فضولي، … وغيرها) بعدها، تأمل مجموعة المهارات وثبتها على مكتبك/غرفتك او حتى صالة المنزل ليتكمن من باستطاعتهم إثراءك بمهارات تجهلها عن ذاتك. شخصياً، أتمت قائمة الورق الملصق عام كامل ولازالت على جدار غرفة النوم الخاصة بي. حتى توصلت لمعرفة ماهي مسارات العمل المناسبة، كيف يمكنني الانخراط بها ومن يلزمني التواصل معه؟ من دون تحديد الوقت.. والهدف لازال تحت الصياغة، في التأني السلامة ولا حاجة لاستعجال مستقبلك. المهم في هذه المرحلة هو وعيك بذاتك.
شكراً لوصولكم حتى نهاية هذا المقال وهو جزء من تحدي #30يوم_تدوين ، بامكانكم مساعدتي عبر اقتراح مواضيع للكتابة / طرح أسئلة في المجال.